اخر المعلقين

أخر المواضيع

الأربعون النووية الحديث الثامن عشر

الحديث الثامن عشر
الخلق الحسن

عن أبي ذرٍّ جُندُبِ بنِ جُنَادَةَ وأبي عبدِ الرَّحمنِ مُعاذِ بنِ جبلٍ رضِي اللهُ عَنْهُما، عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:

{اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ}

رواه التِّرمذيّ، وقالَ حديثٌ حَسَنٌ. وفي بعضِ النُّسَخِ حسنٌ صحيحٌ.

شرح الحديث الثامن عشر 

قوله صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت)) أي اتقه في الخلوة كما تتقيه في الجلوة بحضرة الناس، واتقه في سائر الأمكنة والأزمنة. مما يعين على التقوى استحضار أن الله تعالى مطلع على العبد في سائر أحواله، قال الله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاهو معهم أين ما كانوا ثم يُنَبِّئُهم بما عملوا يوم القيامة إنّ الله بكل شيء عليم} [المجادلة:7]. والتقوى كلمة جامعة لفعل الواجبات وترك المنهيات.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وأتبع السيئه الحسنة تمحها)) أي إذا فعلت سيئة فاستغفر الله تعالى منها وافعل بعدها حسنة تمحها.

اعلم: أن ظاهر هذا الحديث يدل على أن الحسنة لا تمحو إلا سيئة واحدة، وإن كانت الحسنة بعشر، وأن التضعيف لا يمحو السيئه، وليس هذا على ظاهره، بل الحسنة الواحدة تمحو عشر سئيات. وقد ورد في الحديث ما يشهد لذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((تُكِّبرون دبر كل الصلاة عشراً وتحمدون عشراً وتُسبِّحون عشراً فذلك مَائة وخمسون باللسان وألف وخمسائة في الميزان)).

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((أيكم يفعل في اليوم الواحد ألفاً وخمسمائة سيئة))دل على أن التضعيف يمحو السيئات. وظاهر الحديث: أن الحسنة تمحو السيئة المتعلقة بحق الله تعالى، أما السيئة المتعلقة بحق العباد من الغضب والغيبة والنميمة، فلا يمحوها إلا الاستحلال من العباد، ولا بد أن يعين له جهة الظلامة، فيقول: قلت عليك كيت وكيت.

وفي الحديث دليل على أن محاسبة النفس واجبة، قال صلى الله عليه وسلم: ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا )). وقال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتَنظُر نفسُ ما قدمت لغدٍ} [الحشر:18].

قوله صلى الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن)).. اعلم أن الخلق الحسن كلمة جامعة للإحسان إلى الناس، وإلى كف الأذى عنهم،قال صلى الله عليه وسلم: ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوها ببسط الوجه وحسن الخلق)).

وعنه صلى الله عليه وسلم: ((خيركم أحسنكم أخلاقاً)).

وعنه صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلاً أتاه فقال: يا رسول الله ما أفضل الأعمال ؟ قال: ((حسن الخلق))، وهو على ما مر أن أن لا تغضب.

ويقال: اشتكى نبي إلى ربه سوء خلق امرأته، فأوحى الله إليه: قد جعلت ذلك حظك من الأذى.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وخيارهم خيارهم لنسائهم)).

وعنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اختار لكم الإسلام ديناً فأكرموه بحسن الخلق والسخاء، فإنه لا يكمل إلا بها)).

وقال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199].

قال في تفسير ذلك: أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك وتعطي من حرمك.

وقال الله تعالى : { اُدْفَعْ بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت:34].

وقيل في تفسير قوله تعالى: {وإنَّكَ لعلى خُلُقٍ عظيم} [القلم:4].

قال: كان خلقه القرآن، يأتمر بأمره وينزجر بزواجره، ويرضى لرضاه، ويسخط لسخطه صلى الله عليه وسلم.

ترجمة الراوي 

أبو ذر الغفاري ، رضي الله عنه : المشهور أن اسمه : جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن عفان . قال الذهبي رحمه الله : " أحد السابقين الأولين ، من نجباء أصحاب محمد  . قيل: كان خامس خمسة في الإسلام. ثم إنه رد إلى بلاد قومه فأقام بها بأمر النبي  له بذلك، فلما أن هاجر النبي  هاجر إليه أبو ذر رضي الله عنه ولازمه وجاهد معه. وكان يفتي في خلافة أبي بكر عمر وعثمان . قيل: كان آدمَ [ يعني : أسمر اللون ] ، ضخما ، جسيما ، كث اللحية. وكان رأسا في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوالا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم. وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر " . قال ابن كثير رحمه الله : " هُوَ أَوَّلُ مَنْ حَيَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ وَقَوْمِهِ، فَكَانَ هُنَاكَ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَهَاجَرَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ، ثُمَّ لَزِمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرًا وَسَفَرًا، وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً" ،وكان رسول الله  يحبه، ويعتني بأمره، ويرشده إلى ما يصلحه:عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ) . هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي … و هو من الانصار … و كان له زوجتان و ولدان و بنت … وكان يكنى بأبو عبد الرحمن ،قيل ان معاذ بن جبل ولد مابين سنة 602 ميلاديا و بين سنة 607 ميلاديا و قد ولد في يثرب و هي المدينة المنورة حاليا . لقد اسلم الصحابي الجليل معاذ بن جبل و هو كان عمره ثمان عشر سنة … و شهد بدرا و شهد المشاهد كلها مع رسول الله  … و بعثه رسول الله  الى اليمن بعد غزوة تبوك ليعلم الناس هناك دين الله و يعلِّم الناس القرآن و شرائع الإسلام و يقضي بينهم ،فقدكان الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه من اكثر الصحابة علما بالحلال والحرام … كما انه قارئا جيدا للقرآن و كان زاهدا ورعا متصدقا كريما متعبدا لله مجتهدا في العبادة … و قد كان الصحابي الجليل معاذ بن جبل معلما للناس دين الله وناصحا لهم … وكان يعتبر من اكثر الصحابة علما بالفقه .

ليست هناك تعليقات