اخر المعلقين

أخر المواضيع

الأربعون النووية الحديث الخامس والثلاثون

حديث الخامس والثلاثون
المسلم اخو المسلم 

عَنْ أَبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُم عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقوَى هَهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِه ثَلاَثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وعِرْضُهُ}.

رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

شرح الحديث الخامس والثلاثون 

قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسدوا)) قد تقدم أن الحسد على ثلاثة أنواع. والنجش: أصله الارتفاع والزيادة،و هو أن يزيد في ثمن سلعة ليغر غيره، وهو حرام،لأنه غش وخديعة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تدابروا)) أي لا يهجر أحدكم أخاه وإن رآه أعطاه دبره أو ظهره قال صلى الله عليه وسلم: ((لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).

والبيع على بيع أخيه، صورته: أن يبيع أخوه شيئاً فيأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله أ و أحسن منه بأقبل من ثمن ذلك، والشراء علىالشراء حرام: بأن يأمر البائع بالفسخ ليشتريه منه بأغلى ثمن، وكذلك يحرم السوم على سوم أخيه، وكل هذا داخل في الحديث لحصول المعنى ،و هو التباغض والتدابر، وتقييد النهي ببيع أخيه يقتضي أنه لا يحرم على بيع الكافر ، وهو وجه لابن خالويه، والصحيح لا فرق لأنه من باب الوفاء بالذمة والعهد.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((التقوى ههنا )) وأشار بيده إلى صدره وأراد القلب، وقدتقدم قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله)) قوله صلى الله عليه وسلك: ((ولا يخذله)) أي عند أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر، أو عند مطالبته بحق من الحقوق، بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يحقره)) أي فلا يحكم على نفسه بأنه خير من غيره، بل يحكم على غيره بأنه خير منه، أو لا يحكم بشيء فإن العاقبة منطوية ولا يدري العبد بما يختم له، فإذا رأى صغيراً مسلماً حكم بأنه خير منه باعتبار أنه أخف ذنوباً منه، وإن رأى من هو أكبر سناً منه حكم له بالخيرية باعتبار أنه أقدم هجره مه في الإسلام، وإن رأى كافراً لم يقطع له بالنار لا حتمال أنه يسلم فيموت مسلماً.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((بحسب امرىء من الشر)). أي يكفيه من الشر ((أن يحقر أخاه)) يعني أن هذا شر عظيم يكفي فاعله عقوبة هذا الذنب..

قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل المسلم إلخ)) قال في حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا )). واستدل الكرابيسي بهذا الحديث على أن الغيبة الوقوع في عرض المسلمين كبيرة إما لدلالة الاقتران بالدم والمال إما لتشبيه بقوله: ((كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) وقد توعد الله تعالى بالعذاب الأليم عليه فقال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظْلمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أليمٍ} [الحج:25].

ترجمة الراوي 

أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وكان يعرف بالجاهلية باسم عبد شمس بن صخر، وعرف بأبي هريرة لأنه كان يرعى الأغنام وهو صغير مع هرته الصغيرة التي كان يحتفظ بها في الشجر ليلاً، حيث كان يعطف عليها، ويرعاها، ويطعمها، ولد في عام 19هـ في قبيلة دوس، وأسلم في السنة السابعة من الهجرة عندما كان في الثامنة والعشرين من العمر، كان أبو هريرة شديد الفقر، حيث كان يربط على بطنه حجراً من شدة الجوع، وفي أحد الأيام خرج وهو جائع، فمر به أبو بكر، فسأله أبو هريرة عن تفسير آية ما، ففسرها له، وانصرف، علماً بأن أبا هريرة يعرف تفسيرها، إلا أنه أراد منه أن يصطحبه لبيته ليطعمه، فمر عليه عمر بن الخطاب، وفعل معه كما فعل مع أبي بكر، إلا أنه رد عليه كما رد أبي بكر، وانصرف، فمر على رسول الله، فعلم ما يرد، وأخذه إلى بيته، فوجد لبناً في قدح،فقال:من أين لكم هذا؟ قيل:أرسل به إليك.فقال النبي:أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة؛ فادعهم، فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه:كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، ثم قال في نفسه:لا بد من تنفيذ أمر الرسول، وذهب إلى المسجد، ونادى على أهل الصفة، فجاءوا، فقال في نفسه:إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح، فأتوا معه إلى بيت النبي، فقال له النبي:أبا هر، خذ فأعطهم، فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع، ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم، ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي رأسه وهو يبتسم وقال:أبا هر قلت:لبيك يا رسول الله، قال:بقيت أنا وأنت قلت:صدقت يا رسول الله، فقال الرسول:فاقعد فاشرب، قال أبو هريرة:فقعدت فشربت، فقال:اشرب.فشربت، فما زال النبي يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت:والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا، فقال النبي:ناولني القدح فأخذ النبي القدح فشرب من الفضلة[ صحيح البخاري].

ليست هناك تعليقات