اخر المعلقين

أخر المواضيع

الأربعون النووية الحديث الحادي والثلاثون

حديث الحادي والثلاثون
الزهد في الدنيا

عن أبي العبَّاسِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ الساعديِّ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: (جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقالَ: يا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللهُ وأَحبَّنِيَ النَّاسُ. فَقَالَ:

{ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ}.

حديثٌ حَسَنٌ رواهُ ابنُ ماجَه وغيرُهُ بأسانيدَ حَسنةٍ.

شرح الحديث الحادي والثلاثون

قوله صلى الله عليه وسلم((ازهد في الدنيا يحبك الله)) الزهد: ترك ما لا يحتاج إليه من الدنيا،و إن كان حلالاً،و الاقتصار على الكفاية،والورع: ترك الشبهات قالوا: وأعقل الناس الزهاد، لأنهم أحبوا ما أحب الله، وكرهوا ما كره الله من جمع الدنيا، واستعلموا الراحة لأنفسهم. قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو أوصى لأعقل الناس صرف للزهاد.

أو ما ترى الخطّاف حرَّم زادهم --- فغدا رئيساً في الحجور قريباً

وللشافعي رضي الله عنه في ذم الدنيا قوله: ((حرام على نفس التقي ارتكابها)) يدل على تحريم الفرح بالدنيا، وقد صرح بذلك البغوي في تفسير قوله تعالى: {وفرحوا بالحياة الدنيا} [الرعد:26]. ثم المراد بالدنيا بالمذمومة: طلب الزائد على الكفاية، أما طلب الكفاية فواجب، قال بعضهم: وليس ذلك من الدنيا، وأما الدنيا فالزائدة على الكفاية،واستدل بقوله تعالى: {زُيِّن للناسِ حُبُّ الشهواتِ من النساءِ والبَنِينَ والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوُّمِة والأنعامِ والحرث ذلك متاعُ الحياةِ الدنيا والله عنده حسن المآب} [آل عمران:14]. فقوله تعالى ذلك إشارة إلى ما تقدم من طلب التوسع والتبسط، قال الشافعي رحمه تعالى : طلب الزائد من الحلال عقوبة ابتلى الله بها أهل التوحيد. ثم بعد ذلك إذا فرح بها لأجل المباهاة والتفاخر والتطاول على الناس فهو مذموم، ومن فرح بها لكونها من فضل الله عليه فهو محمود.

قال عمر رضي الله عنه: اللهم إنا لا نفرح إلا بما رزقتنا.

وقد الله تعالى المقتصدين في العيش فقال تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يَقتُروا وكان بين ذلك قواما} [الفرقان:67].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، ولا افتقر من اقتصد)). وكان يقال: القصد في المعيشة يكفي عنك نصف المؤنة، والاقتصاد: الرضى بالكفاية، قال بعض الصالحين: من اكتسب طيباً وأنفق قصداً قدم فضلاً.

ترجمة الراوي

هو أبو العباس سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعد بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي‏. وهناك من قال إن كنيته هي "أبا يحيى" ، ولد قبل الهجرة بخمس سنين. ويذكر أنه اسمه في الأصل كان "حزنًا" ولكن الرسول -  - قام بتغيير ذلك الاسم إلى اسم سهل؛ وذلك لأنّ الرسول -  - كان يحب الأسماء الطيبة الحسنة والإيجابية، وكان يغير كل الأسماء القبيحة أو التي تحتوي على شرك بالله تعالى، مثل عبد الشمس، وغيرها. لقد أمدّ الله في عمر الصحابي سهل بن سعد، وعاش طويلًا، حتى أنّه أدرك الحجاج في حياته، ويذكر أنّ الحجاج أرسل له ذات يوم، وسأله: لما لم تنصر أمير المؤمنين عثمان؟، فقال له سعد: فعلت، قال له: كذبت، وأمر بأن يختم على عنقه؛ إذلالًا منه له، حتى يبتعد عنه الناس ولا يسمعوا منه. يقول سهل بن سعد الساعدي: خرجت إلى بيت المقدس حتى أتيت دمشق، فوجدت أهله يعلقون الديباج والحجب، والنساء يلعبون في الدف، فقلت: ألأهل الشام عيد لا نعرفه؟ فوجد قومًا يتحدثون، فسألهم ألكم عيد لا نعرفه؟، فقالوا له: يا شيخ نراك غريبًا، فقال: فقال أنا سهل بن سعد، رأيت رسول الله -  -، وأحمل حديثًا، فقالوا: ما أعجب السماء لم لا تمطر دمًا، والأرض لم تخسف، فقال: ولم هذا؟، قالوا: هذا رأس الحسين يهدى من العراق. توفي بالمدينة سنة 88 هـ وقيل بعدها. وهو آخر الصحابة وفاة في المدينة. وقال بعضهم أنّه عاش مائة سنة أو أكثر وعلى هذا يكون توفي سنة ست وتسعين أو بعدها.

ليست هناك تعليقات