ماذا بعد رمضان المبارك
ماذا بعد شهر رمضان المبارك
الثبات بعد رمضان
اقتداءً في ذلك بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان حريصاً على أداء الأعمال الصالحة دائماً، كما أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١] بالإضافة إلى التوجّه إلى الله -تعالى- بالشّكر، والطاعة، والعبادة المستمرّة، والحفاظ على الوازع الإيمانيّ الذي كان في شهر رمضان، وعدم التوقّف عن الصيام بمجرّد انتهاء شهر رمضان؛ إذ شُرِع صيام النفل والتطوُّع.[٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ الخير لا ينحصر في شهر رمضان، بل هو مُتواصلٌ ومُتكرّرٌ، فعلى سبيل المثال تتكرّر الصلاة في اليوم الواحد خمس مرّاتٍ، وتتكرّر صلاة الجمعة أيضاً كلّ أسبوعٍ، والتهجّد كلّ ليلةٍ، ويتكرّر الدعاء والاستغفار بعد كلّ صلاةٍ مفروضةٍ، وبذلك فإنّ مواسم الخيرات والعبادات والطاعات لا تنتهي بعد شهر رمضان، ومن أعظم مواسم الخيرات الحجّ إلى بيت الله الحرام، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ)،[٣][٤] وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يحافظون على ما قدّموه في رمضان، ويتعاهدون أنفسهم بالاستمرار على العبادات والطاعات.[٥]
صيام ستة ايام من شهر شوال
يُعدّ الصيام عبادة من العبادات التي لها أثر عظيم في تطهير القلوب والنفوس، وتزكيتها ممّا يُعكّر صفوها، وهي تصل بالعبد إلى درجةٍ رفيعةٍ عند الله -سبحانه-؛ ولذلك فرض الله -سبحانه- صيام شهر رمضان على كلّ مسلمٍ، وحثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على صيام ستة أيّامٍ من شهر شوّال؛ لِما يترتّب على ذلك من فضلٍ وأهميةٍ زيادةً على فضل صيام شهر رمضان؛ إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاريّ -رضي الله عنه- أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)،[١٢][١٣] ومن الجدير بالذكر أنّ شهر شوّال شهرٌ قمريٌّ عربيٌّ، يلي شهر رمضان؛ أي أنّه شهر عيد الفطر، كما أنّه أوّل شهرٍ من أشهر الحجّ.[١٤] وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّال عبادةٌ مندوبةٌ؛ للحديث سابق الذكر، والذي بيّن أنّ فَضْل إتباع صيام شهر رمضان بصيام ستة أيّام يُعادل فَضْل صيام الدهر؛ بالنظر إلى أنّ الحسنة بعَشْرة أمثالها، وتتمّ مضاعفتها أضعافاً كثيرةً، كما أنّ في ذلك اقتداءً بسُنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وتكمُن الحكمة من تشريع صيام ستّة أيّامٍ من شوّال في اعتبار منزلتها كمنزلة السُّنَن الرواتب في الصلاة؛ تجبر الخلل والنقص الذي قد يقع في العبادة.[١٥]
قضاء ما فات من الصيام يتوجّب على كلّ مسلمٍ أفطر في شهر رمضان أن يقضي الأيام التي أفطرها إن أفطرها بعذرٍ، وإن تعذّر عليه القضاء، فعليه إطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ أفطره، ولا يتوجّب القضاء على الفَوْر بعد نهاية شهر رمضان، إذ أخرج البخاريّ أنّ أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَ إلَّا في شَعْبَانَ)،[١٦] ويُسَنّ القضاء تتابُعاً، أمّا إن اقترب رمضان التالي، وضاق الوقت للقضاء، فيتوجّب التتابع.[١٧]
ليست هناك تعليقات