اخر المعلقين

أخر المواضيع

الأربعون النووية الحديث الأربعون

الحديث الأربعون
كن في الدنيا كأنك غريب 

عن ابنِ عمرَ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ: أَخَذَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبَيَّ فقالَ:

{كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ}.

وكانَ ابنُ عُمَر رَضِي اللهُ عَنْهُما يقولُ: إذا أمسيـْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المساءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، ومِنْ حياتِكَ لِمَوْتِكَ.

رواه البخاريُّ.

شرح الحديث الاربعون

قوله صلى الله عليه وسلم: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) أي لا تركن إليها ولا تتخذها وطناً ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق الغريب به في غير وطنه الذي يريد الذهاب منه إل أهله، وهذا معنى قول سلمان الفارسي رضي الله عنه: أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا أتخذ من الدنيا إلا كمتاع الراكب.

وفي الحديث دليل على قصر الأمل وتقديم التوبة والاستعداد للموت فإن أمل فليقل إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} [الكهف:23-24].

قوله: ((وخذ من صحتك)) أمره صلى الله عليه وسلم أن يغتنم أوقات الصحة بالعمل الصالح فيها، فإنه يعجز عن الصيام والقيام ونحوها لعلة تحصل من المرض والكبر.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن حياتك لموتك))، أمره صلى الله عليه وسلم بتقديم الزاد. وهذا كقوله تعالى: {نظر نفسٌ ما قَدَّمتْ لِغدٍ} [الحشر:18]. لا يفرط فيها حتى يدركه الموت فيقول: {رب ارجعونِ لعلي أعمل صالحاً فيما تركت} [المؤمنون:99:100].وقال الغزالي رحمه الله تعالى: ابن آدم بدنه معه كالشبكة يكتسب بها الأعمال الصالحة،فإذا اكتسب خيراً ثم مات كفاه ولم يحتج بعد ذلك إلى الشبكة، وهو البدن الذي فارقه بالموت، ولا شك أن الإنسان إذا مات انقطعت شهوته من الدنيا واشتهت نفسه العمل الصالح لأنه زاد القبر، فإن كان معه استغنى به وإن لم يكن معه طلب الرجوع منها إلى الدنيا ليأخذ منها الزاد، وذلك بعد ما أخذت منه الشبكة فيقال له :هيهات قد فات! فيبقى متحيراً دائماً نادماً على تفريطه في أخذ الزاد قبل انتزاع الشبكة.

فلهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وخذ من حياتك لموتك)).لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)).

ترجمة الراوي

عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي المكي المدني، وأمه زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة الجمحي، أخت عثمان بن مظعون، أسلم بمكة قديمًا مع أبيه وهو صغير، وهاجر معه، وكان من فقهاء الصحابة وزهَّادهم، ولا يصح قول من قال: إنه أسلم قبل أبيه وهاجر قبله، ولم يشهد بدرًا، وعُرض على النبي  يوم أحد وهو ابن أربعة عشر عامًا فرده، ثم عرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمسة عشر فأجازه، لم يتخلف بعد عن النبي  ، وهو أحد العبادلة الأربعة، وثانيهم ابن عباس، وثالثهم عبدالله بن عمرو بن العاص، ورابعهم عبدالله بن الزبير، كان عبد الله بن عمر بن الخطاب (أبو عبد الرحمن) شديد الورع والخوف من الله ومن شدة ورعه أن دعاه يومًا الخليفة عثمان بن عفان وطلب منه أن يشغل منصب القضاء فاعتذر وعندما سأله عثمان لماذا ترفض فرد عليه عبد الله بن عمر بن الخطاب قائلا " بلغني أن القضاة ثلاثة: قاضٍ يقضي بجهل فهو في النار، وقاضٍ يقضي بهوى فهو في النار، وقاضٍ يجتهد ويصيب؛ فهو كفاف لا وزر ولا أجر " وقال له اعفينى فأعفاه عثمان بعد أن أخذ عليه عهدًا ألاَّ يخبر أحدًا؛ لأنه خشي إذا عرف الأتقياء الصالحون أن يتبعوه وينهجوا نهجه , كان شديد التدين متبع لسنة النبي في كل شئ ,روى عن النبي  الكثير من الاحاديث وكان شديد الحذر في روايته عن الرسول  . توفي الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب (أبو عبد الرحمن) سنة 73 هجريا في مكة ودفن فيها .

ليست هناك تعليقات