اخر المعلقين

أخر المواضيع

الأربعون النووية الحديث الثاني عشر

الحديث الثاني عشر
الاشتغال بما يفيد

عن أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ}.

حديثٌ حَسَنٌ رواه التِّرمذيُّ وغيرُه هكذا

شرح الحديث الثاني عشر

قوله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) أي ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا من الأفعال والأقوال. وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين سأله عن صحف إبراهيم قال: ((كانت أمثالاً كلها، كان فيها: أيها السلطان المغرور إني لم أبعثك لتجمع الأموال بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عن دعوة المظلوم فإني لا أردها، ولوكانت من كافر. وكان فيها: على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه ،وساعة يتفكر في صنع الله تعالى، وساعة يحدث فيها نفسه، وساعة يخلو بذي الجلال والإكرام، وإن تلك الساعة عون له علىتلك الساعات،.و كان فيها: على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله، أن لا يكون ساعياً إلا في ثلاث: تزود لمعاد، ومؤنة لمعاش ،ولذة في غير محرم.وكان فيها: على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون بصيراً لزمانه، مقبلاً على شأنه. حافظاً للسانه، ومن حسب الكلام من عمله يوشك أن يقل الكلام إلا فيما يعنيه)).

قلت: بأبي وأمي فما كان في صحف موسى ؟ قال: ((كانت عبراً كلها ، كان فيها: عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك، وعجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجباً لمن رآى الدنيا وتقلبها بأهلها وهو يطمئن إليها،و عجباً لمن أيقن بالقدر ثم هو يغضب، وعجباً لمن أيقن بالحساب غداً وهو لا يعمل))؟!.

قلت: بأبي وأمي هل بقي مما كان في صحفهما شيء؟ قال: ((نعم ياأباذر{قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى* بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخِرُة خيرَّ وأبقى * إنَّ هذا لفي الصُّحُفِ الأولى * صحف إبراهيم وموسى} [الأعلى:14-19]. إلى آخر السورة.

قلت: بأبي وأمي أوصني،قال: ((أوصيك بتقوى الله فإنها رأس أمرك كله))،قال: قلت زدني، قال: ((عليك بتلاوة القرآن واذكر الله كثيراً فإنه يذكرك في السماء))، قلت زدني، قال: ((عليك بالجهاد فإنه رهبانية المؤمنين))، قلت زدني، قال: ((عليك بالصمت فإنه مطردة للشياطين عنك، وعون لك على أمر دينك))، قلت زدني، قال: ((قل الحق ولو كان مراً))،قلت زدني، قال: ((لا تأخذك في الله لومة لائم))، قلت:زدني، قال((صل رحمك وإن قطعوك))، قلت: زدني، قال: ((بحسب امرئ من الشر ما يجهل من نفسه، ويتكلف ما لا يعنيه. يا أبا ذر: لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسن كحسن الخلق)).

ترجمة الراوي 

أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وكان يعرف بالجاهلية باسم عبد شمس بن صخر، وعرف بأبي هريرة لأنه كان يرعى الأغنام وهو صغير مع هرته الصغيرة التي كان يحتفظ بها في الشجر ليلاً، حيث كان يعطف عليها، ويرعاها، ويطعمها، ولد في عام 19هـ في قبيلة دوس، وأسلم في السنة السابعة من الهجرة عندما كان في الثامنة والعشرين من العمر، كان أبو هريرة شديد الفقر، حيث كان يربط على بطنه حجراً من شدة الجوع، وفي أحد الأيام خرج وهو جائع، فمر به أبو بكر، فسأله أبو هريرة عن تفسير آية ما، ففسرها له، وانصرف، علماً بأن أبا هريرة يعرف تفسيرها، إلا أنه أراد منه أن يصطحبه لبيته ليطعمه، فمر عليه عمر بن الخطاب، وفعل معه كما فعل مع أبي بكر، إلا أنه رد عليه كما رد أبي بكر، وانصرف، فمر على رسول الله، فعلم ما يرد، وأخذه إلى بيته، فوجد لبناً في قدح، فقال: من أين لكم هذا؟ قيل: أرسل به إليك. فقال النبي: أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة؛ فادعهم، فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه: كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، ثم قال في نفسه: لا بد من تنفيذ أمر الرسول، وذهب إلى المسجد، ونادى على أهل الصفة، فجاءوا، فقال في نفسه: إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح، فأتوا معه إلى بيت النبي، فقال له النبي: أبا هر، خذ فأعطهم، فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع، ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم، ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي رأسه وهو يبتسم وقال: أبا هر قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بقيت أنا وأنت قلت: صدقت يا رسول الله، فقال الرسول: فاقعد فاشرب، قال أبو هريرة: فقعدت فشربت، فقال: اشرب. فشربت، فما زال النبي يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا، فقال النبي: ناولني القدح فأخذ النبي القدح فشرب من الفضلة .

ليست هناك تعليقات