اخر المعلقين

أخر المواضيع

الأربعون النووية الحديث الثامن والثلاثون

الحديث الثامن والثلاثون
جزاء معادات الاولياء 

عَنْ أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأَُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأَُعِيذَنَّهُ}.

رواه البخاريُّ.

شرح الحديث الثامن والثلاثون 

قوله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) المراد هنا بالولي:المؤمن قال الله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا} [البقرة:257].فمن آذى مؤمناً فقد آذنه الله، أي أعلمه الله أنه محارب له، والله تعالى إذا حارب العبد أهلكه، فليحذر الإنسان من التعرض لكل مسلم قوله تعالى: ((وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليًّ مما افترضته عليه)) فيه دليل على أن فعل الفريضة من أفضل النوافل، وجاء في الحديث: ((إن ثواب الفريضة يفضل على ثواب النافلة بسبعين مرة)).

قوله تعالى: ((ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه)) ضرب العلماء رضي الله تعالى عنهم لذلك مثلاً فقالوا: مثل الذي يأتي بالنوافل مع الفرائض، ومثل غيره كمثل رجل أعطى لأحد عبديه درهماً ليشتري به فاكهة، وأعطى آخر درهماً ليشتري فاكهة، فذهب أحد العبدين فاشترى فاكهة فوضعها في قوصرة، وطرح عليها ريحاناً ومشموماً من عنده، ثم جاء فوضعها بين يدي السيد، وذهب الآخر واشترى الفاكهة في حجره ثم جاء فوضعها بين يدي السيد على الأرض، فكل واحد من العبدين قد امتثل، لكن أحدهما زاد من عنده القوصرة والمشموم فيصير أحب إلى السيد.فمن صلى النوافل مع الفرائض يصير أحب إلى الله، والمحبة من الله إرادة الخير، فإذا أحب عبده شغله بذكره وطاعته وحفظه من الشيطان، واستعمل أعضاءه في الطاعة، وحبب إليه سماع القرآن والذكر وكرَّه إليه سماع الغناء وآلات اللهو وصار من الذين قال الله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} [الفرقان:63].فإذا سمعوا منهم كلاماً فاحشاً أضربوا عنه وقالوا قولاً يسلمون فيه، وحفظ بصره عن المحارم فلا ينظر إلى ما لا يحل له، وصار نظره فكر واعتبار، فلا يرى شيئاً من المصنوعات إلا استدل به على خالقه. وقال على رضي الله عنه: ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله تعالى قبله. ومعنى الاعتبار العبور الفكر في المخلوقات إلى قدرة الخالق، فيسبح عند ذلك ويقدس ويعظم وتصير حركاته باليدين والرجلين كلها لله تعالى ولا يمشي فيما لا يعنيه ولا يفعل بيده شيئاً عبثاً بل تكون حركاته وسكناته لله تعالى، فيثاب على ذلك في حركاته وسكناته وفي وفي سائر أفعاله.

قوله تعالى: ((كنت سمعه))يحتمل كنت الحافظ لسمعه ولبصره ولبطش يده ورجله من الشيطان،ويحتمل كنت في قلبه عند سمعه وبصره وبطشه. فإذا ذكرني كفَّ عن العمل لغيري.

ترجمة الراوي 

أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وكان يعرف بالجاهلية باسم عبد شمس بن صخر، وعرف بأبي هريرة لأنه كان يرعى الأغنام وهو صغير مع هرته الصغيرة التي كان يحتفظ بها في الشجر ليلاً، حيث كان يعطف عليها، ويرعاها، ويطعمها، ولد في عام 19هـ في قبيلة دوس، وأسلم في السنة السابعة من الهجرة عندما كان في الثامنة والعشرين من العمر، كان أبو هريرة شديد الفقر، حيث كان يربط على بطنه حجراً من شدة الجوع، وفي أحد الأيام خرج وهو جائع، فمر به أبو بكر، فسأله أبو هريرة عن تفسير آية ما، ففسرها له، وانصرف، علماً بأن أبا هريرة يعرف تفسيرها، إلا أنه أراد منه أن يصطحبه لبيته ليطعمه، فمر عليه عمر بن الخطاب، وفعل معه كما فعل مع أبي بكر، إلا أنه رد عليه كما رد أبي بكر، وانصرف، فمر على رسول الله، فعلم ما يرد، وأخذه إلى بيته، فوجد لبناً في قدح،فقال:من أين لكم هذا؟ قيل:أرسل به إليك.فقال النبي:أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة؛ فادعهم، فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه:كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، ثم قال في نفسه:لا بد من تنفيذ أمر الرسول، وذهب إلى المسجد، ونادى على أهل الصفة، فجاءوا، فقال في نفسه:إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح، فأتوا معه إلى بيت النبي، فقال له النبي:أبا هر، خذ فأعطهم، فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع، ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم، ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي رأسه وهو يبتسم وقال:أبا هر قلت:لبيك يا رسول الله، قال:بقيت أنا وأنت قلت:صدقت يا رسول الله، فقال الرسول:فاقعد فاشرب، قال أبو هريرة:فقعدت فشربت، فقال:اشرب.فشربت، فما زال النبي يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت:والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا، فقال النبي:ناولني القدح فأخذ النبي القدح فشرب من الفضلة[ صحيح البخاري].

ليست هناك تعليقات